Wednesday, February 24, 2016

جامع الإمام الأعظم





جامع الإمام الأعظم أو جامع أبو حنيفة النعمان هو أحد المساجد والمدارس التاريخية في مدينة بغداد، والمنطقة حول الجامع تدعى منطقة الأعظمية نسبة إليه وتقع في شمال بغداد على جهة الرصافة ويقابلها منطقة الكاظمية نسبة إلى موسى الكاظم الذي يقع فيها، ولقد بني المسجد عام 375 هـ/1065م بجوار قبر أبو حنيفة النعمانن وتعتبر مدرسة أبي حنيفة الفقهية من أقدم المدارس وتسمى حالياً كلية الإمام الأعظم، وهي واحدة من ثلاثة أقدم جامعات على مستوى العالم، حيث سبقتها جامعة القرويين في المغرب، حيث بني جامع القرويين في عام 859م، والجامع الأزهر في مصر الذي أسس في عام 972م. وبنيت أول الجامعات الأوروبية بعدهم في عام 1088م، وهي جامعة بولونيا في إيطاليا.
توفي أبو حنيفة في بغداد زمن ابي جعفر المنصور عام 150 هـ. ودفن في شمال بغداد في مكان سمي بعد حين بمقبرة الخيزران نسبة إلى الخيزران بنت عطاء زوج الخليفة المهدي ووالدة الهادي وهارون الرشيد، والتي توفيت ودفنت هناك عام 173هـ. والإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن النعمان، هو من عرب العراق الذي استوطنوه قبل الإسلام [1][2].
ولقد بني جامع أبي حنيفة عام 375 هـ، وبنيت عنده مدرسة كبيرة، ثم في عام 459 هـ (1066م)، بني مشهد وقبة على القبر وعرفت المنطقة الواقعة في جوار المشهد باسم محلة الامام أبي حنيفة. وكان التدريس في المدرسة قاصرا على العلوم الدينية فقط.
وقد وصف الرحالة ابن جبير في رحلته إلى بغداد سنة 580 هـ (1184م) الجانب الشرقي من بغداد بما يلي:
"وبأعلى الشرقية خارج البلدة محلة كبيرة بإزاء محلة الرصافة كان باب الطاق المشهور على الشط وفي تلك المحلة مشهد حفيل البنيان له قبة بيضاء سامية في الهواء فيه قبر الإمام أبي حنيفة وبه تعرف المحلة."
ووصف الرحالة ابن بطوطة مدينة بغداد بزيارته عام 727 هـ (1327م) وذكر المساجد التي تقام فيها صلاة الجمعة، وهي جامع الخليفة وجامع السلطان وجامع الرصافة بالأعظمية وبينه وبين جامع السلطان نحو الميل وبقرب الرصافة قبر الامام أبي حنيفة. ولولا وجود مشهد الامام أبي حنيفة ومدرسته في بغداد لكانت المنطقة أندثرت وزالت بعد سقوط بغداد ودخول هولاكو كما أندثرت مناطق عديدة منها.
وفي أثناء وجود الصفويين في بغداد تمت ولمرات عدة هدم مشهد الإمام أبي حنيفة وتحطيم المدرسة بسبب الفتنة الطائفية.
وقد لقي المشهد والمسجد بعض العناية من قبل الملك محمد بن منصور الخوارزمي بعد مجئ العثمانيين إلى بغداد عام 1534م. وشهد ذلك العام إصلاحات من قبل السلطان سليمان القانوني، فعند عودة السلطان من زيارته لمدينتي كربلاء والنجف زار قبر الامام ابي حنيفة الذي كان مهدما فأمر بإعادة تشييد القبة وإعمار الجامع والمدرسة وأمر كذلك بتعمير دار ضيافة وحمام وخان وأربعين إلى خمسين دكانا حوله، ثم أمر بتعمير قلعة لحراسة الجامع والمدرسة والمنطقة ووضع جنودا بلغ عددهم نحو 150 جنديا، ومعهم معدات حربية ومدافع لحماية المكان.
وكانت بعد ذلك إصلاحات أخرى على يد السلطان العثماني مراد الرابع عند دخوله بغداد عام 1048 هـ (1638م) حيث جاء معه إلى الاعظمية بعض من قبيلة العبيد وسكنوا حول ضريح الإمام أبو حنيفة لحمايته.
وفي عهد المماليك وتحديدا الوالي سليمان باشا (أبو ليلة) جدد المرقد وأنشئت المنارة والقبة عام 1757م. وعام 1291 هـ (1874م) ولقد جدد بناء الجامع بأمر السلطانة والدة السلطان عبد العزيز.
وقد بقيت مدرسة الإمام الأعظم المدرسة الوحيدة في الأعظمية إلى جانب بعض الكتاتيب لتعليم القراءة والكتابة والقرآن حتى سنة 1911م، حيث أعيد إعمار الجامع وتنظيم المدرسة التي سميت كلية الإمام الأعظم، وتم بنائها في عهد الدولة العثمانية، حيث طالب الشيخ العلامة نعمان الأعظمي السلطان العثماني بما لجامع أبو حنيفة من حقوق مغدورة وكانت مجلته التي يصدرها (تنوير الأفكار) تنطق بلسانهِ فحصل بجده وسعيه على موافقة السلطان لإنشاء كلية في الجامع، وكان للشيخ نعمان الفضل الأكبر في السعي لإنشاءها وبناءها، وتعتبر من مآثره وجليل أعمالهِ. ثم سماها دار العلوم الدينية والعربية، ثم كلية الشريعة ثم سميت مرة أخرى بكلية الإمام الأعظم. وكانت هناك بعض أعمال الترميم خلال العهد الملكي. وفي عام 1923م، صدر الأمر بإعادة (الكلية الأعظمية) وجعلها تابعة لديوان وزارة الأوقاف وصارت أكبر مدرسة دينية في العراق.
وبعد 14 تموز 1958 تم بناء برج أسطواني بارتفاع 25 م وكسي بالفسيفساء الأزرق والأبيض ليكون جاهزا لاستقبال ساعة الأعظمية التي نصبت عام 1961م، وبقت تعمل بانتظام. وفي عام 1973 قامت وزارة الأوقاف بكساء البرج بصفائح من الألمنيوم المضلع باللون الذهبي.
وكانت هناك كذلك بعض إعمال الترميم خلال العهد الجمهوري، وكذلك خلال ثمانينيات القرن العشرين.

No comments:

Post a Comment